responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 31  صفحه : 71
عَلَى الْقَوْلِ بِالصِّرْفَةِ لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ النُّبُوَّةِ عَلَى نَفْيِ هَذَا الِاحْتِمَالِ، فَلَا جَرَمَ يُمْكِنُ نَفْيُ هَذَا الِاحْتِمَالِ بِالدَّلِيلِ السَّمْعِيِّ. ثُمَّ قَالَ تعالى:

[سورة التكوير (81) : آية 26]
فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26)
وَهَذَا اسْتِضْلَالٌ لَهُمْ يُقَالُ لِتَارِكِ الْجَادَّةِ اعْتِسَافًا، أَيْنَ تَذْهَبُ؟ مُثِّلَتْ حَالُهُمْ بِحَالِهِ في تركهم الحق وعدو لهم عَنْهُ إِلَى الْبَاطِلِ، وَالْمَعْنَى أَيُّ طَرِيقٍ تَسْلُكُونَ أَبَيْنُ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ الَّتِي قَدْ بَيَّنْتُ لَكُمْ، قَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ وَأَيْنَ تَذْهَبُ، وَتَقُولُ ذَهَبْتُ الشَّامَ وَانْطَلَقْتُ السوق، واحتج أهل الاعتزال بهذه الآية وجهه ظَاهِرٌ. ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَا هُوَ، فقال:

[سورة التكوير (81) : آية 27]
إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (27)
أَيْ هُوَ بيان وهداية للخلق أجمعين.

[سورة التكوير (81) : آية 28]
لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28)
ثُمَّ قَالَ: لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَهُوَ بَدَلٌ مِنَ الْعَالَمِينَ، وَالتَّقْدِيرُ: إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ، وفائدة هذا الإبدال أن الذين شاؤوا الِاسْتِقَامَةَ بِالدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ هُمُ الْمُنْتَفِعُونَ بِالذِّكْرِ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوعَظْ بِهِ غَيْرُهُمْ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْقُرْآنَ إِنَّمَا يَنْتَفِعُ بِهِ مَنْ شَاءَ أَنْ يَسْتَقِيمَ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ مَشِيئَةَ الِاسْتِقَامَةِ مَوْقُوفَةٌ على مشيئة الله فقال تعالى:

[سورة التكوير (81) : آية 29]
وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (29)
أَيْ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُعْطِيَهُ تِلْكَ الْمَشِيئَةَ، لِأَنَّ فِعْلَ تِلْكَ الْمَشِيئَةِ صِفَةٌ مُحْدَثَةٌ فَلَا بُدَّ فِي حُدُوثِهَا مِنْ مَشِيئَةٍ أُخْرَى فَيَظْهَرُ مِنْ مَجْمُوعِ هَذِهِ الْآيَاتِ أَنَّ فِعْلَ الِاسْتِقَامَةِ مَوْقُوفٌ عَلَى إِرَادَةِ الِاسْتِقَامَةِ. وَهَذِهِ الْإِرَادَةُ مَوْقُوفَةُ الْحُصُولِ عَلَى أَنْ يُرِيدَ اللَّهُ أَنْ يُعْطِيَهُ تِلْكَ الْإِرَادَةَ، وَالْمَوْقُوفُ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَى الشَّيْءِ مَوْقُوفٌ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ، فَأَفْعَالُ الْعِبَادِ فِي طَرَفَيْ ثُبُوتِهَا وَانْتِفَائِهَا، مَوْقُوفَةٌ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ وَهَذَا هُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا، وَقَوْلُ بَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَخْصُوصَةٌ بِمَشِيئَةِ الْقَهْرِ وَالْإِلْجَاءِ ضَعِيفٌ لِأَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ الْمَشِيئَةَ الِاخْتِيَارِيَّةَ شَيْءٌ حَادِثٌ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُحْدِثٍ فَيَتَوَقَّفُ حُدُوثُهَا عَلَى أَنْ يَشَاءَ مُحْدِثُهَا إِيجَادَهَا، وَحِينَئِذٍ يَعُودُ الْإِلْزَامُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 31  صفحه : 71
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست